تصميم وكالة اكد نيوز

تصميم وكالة اكد نيوز

أكد نيوز – وائل اياد

جمعت العابها في حقيبتها القرمزية، بقيت في زاوية الغرفة لعبتها الشقراء ذات العينين الزرقاوين لا تنفك تفارقها حتى في فراشها، ضمتها الى صدرها ورحلت من بيت أهلها لترافقها في عالمها الجديد، “ليلى أحمد” فتاة بغدادية تزوجت في ربيعها الثالث عشر بعد أن أجبرها والدها بالزواج من أحد اقاربها، لم تكن تتوقع أنها في ليلة زفاف بل تصورت بانها تلعب مع أقرانها لعبة (العروس والعريس).

تروي لنا الباحثة، في جمعية نساء بغداد، “فاطمة حيدر” رحلة “ليلى” في شقاء الزواج المبكر على لسانها قائلة ” جمعت العابي في حقيبتي القرمزية التي كنت أضع العابي فيها حين أسافر الى أي مكان وحملتها معي ليلة زفافي وأنا في سن الثالثة عشرة لدار زوجي في العاصمة بغداد، لم أكن أعرف أو استوعب أنني قد تزوجت، وأن هذه هي ليلة زفافي ودخلتي، بل تصورت إنني في مشهد للعبة مع صديقاتي رنا وزينب التي طالما كنا نلعبها (العروس والعريس) “.

وتكمل الباحثة قصة ليلى ” بعد فترة من الزمن، استوعبت بأن حياة الطفولة قد ولت الى غير رجعة وأتى زمن الشقاء والعناء والعنف، حملت من زوجي في سنتي الأولى وكنت فرحت بذلك باني سأصبح أماً واستشعر الامومة الحقيقية مع طفلتي بدلا من أحتضان لعبة، وأنا في هذا السن رغم أن الطفولة لا تزال تعيش في داخلي”.

الام الصغيرة لم تكتمل فرحتها

 لم تكتمل فرحتها مع ابن عمها، الذي لم يقتنع بأن هذه الطفلة قد حملت منه، متهما أياها بالخيانة مع غيره حيث تبين أن” زوجي لم يقتنع باني قد حملت منه واتهمي بالخيانة مع غيره وراح يعنفني ويضربني بقسوة حتى أغمي عليَ وطردني الى بيت أهلي وهناك أجهضت طفلي الأول نتيجة تدهور حالتي الصحي والنفسية”.

الاب بعد أن علم الطفل هو الذي تسبب بالمشكلة بين أبنته وزوجها طلب منها الرجوع الى بيت زوجها بعد أن اجهضت جنينها قائلة إن” والدي بعد ان علم بقصة إتهام زوجي لي بالخيانة والمشكلة افتعلت بسبب الطفل طلب مني الرجوع الى بيت زوجي بعد أن أجهضت الجنين ضنا منه بان الطفل الذي كان السبب الرئيسي بطردي من بيت زوجي، فرجعت مجبرة على ذلك لا خيار لي فالأهل من امامي والزوج وقسوته من خلفي”.

الطلاق على” سدية” الولادة

يبدوا أن حظ ليلى ليس جيداً فبعد قسوة الزوج وظلم الاهل لها رجعت نادمة لكنها خسرت كل شيء هذه المرة كما تصف ” لقد رجعت الى بيت زوجي ولم ينته من تعنيفي في كل يوم، فبعد فترة من رجوعي حملت ثانية منه لكن هذه المرة لم يتهمني بالخيانة ويا ليته فعل ذلك؟، فقد طلقني وانا على سدية الولادة في المستشفى وحرمني من رؤية طفلتي الأولى ومنعني كافة حقوقي”.

الأعراف والمتاجرة السبب الرئيسي وراء زواج القاصرات كما تبين المحامية والخبيرة في حقوق المرأة ايمان عبد الرحمن، قائلة إن ” العراق مؤشر دوليا للأسف الشديد بنسبة عالية جدا بزواج الصغيرات أو ما يعرف بـ(القاصرات)، والأعراف والتقاليد هي من ساهمت بجزء كبير في تفاقم هذه المشكلة والزواج خارج إطار المحاكم بدأ ينتشر بين العوائل واغلب من يعقد قران هذه الزيجات رجال الدين او ما يسمى عرفا بـ(المؤمن)”.

الاتجار بالبنات الصغيرات

وتشير عبد الرحمن الى أن ” بعض العوائل للأسف باتت تتاجر ببناتهم الصغيرات من خلال زواجهن من اغنياء او ذوي نفوذ لكي يتكسبوا من هذا الزواج بسبب الوضع الاقتصادي المتردي لهذه العوائل، وأغلب زواجهن خارج إطار المحكمة وهنا تكمن المشكلة حيث الزوجة الصغيرة لا تضمن حقها في حال تركها الزوج أو طلقها، وكذلك تواجه صعوبة في حالة الولادة ومخاض عسير كون جسدها لم ينضج بعد وتكون أغلب حالات الولادة في المنازل وليس في المستشفيات ولا تخضع للفحص الطبي المتخصص كون زواجها غير مسجل رسميا في المحكمة”.

العراق الاعلى نسبة بوفيات ” الأمهات الصغيرات”

ولفتت الخبيرة في حقوق المرأة أن” العراق أعلى بلد عربي بنسبة وفيات الأمهات الصغار وأعلن هذا بمؤتمر التنمية والسكان في عام 2014 بمقر الجامعة العربية بمصر خلال مشاركتي به، حيث جميع الدول العربية شكلت نسبتها (2%) من الوفيات، بينما العراق حده (3%)، وهذا مؤشرأً خطير ويجب على الدولة أن تتخذ إجراء بهذا الشأن وأن لا تتهاون فيه، وجاءت تلك النسبة من أن العراق الأعلى بالتنمية السكانية والاقل بنسبة الخدمات لذلك تحصل لديه الوفيات باستمرار”.

وعن الموقف القانوني لمثل هكذا حالات قالت ” نحتاج الى تشريعات جديدة تتضمن عقوبات صارمة تحاسب على من يرتكب هذا الجرم ويساندها إرادة سياسية لتفعيل القوانين السابقة أيضا، فقد ظهرت جرائم جديدة لا يمكن السكوت عنها”

فتيات تزوجن بعمر مبكر يترددن بكثرة على مراكز الارشاد والتأهيل التابعة لجمعية نساء بغداد، بسبب المشاكل التي تحصل معهنَ، كما توضح الباحثة الاجتماعية في الجمعية صابرين خشان، قائلة” تردنا حالات كثيرة من الفتيات المتزوجات بسن مبكر الى مراكز الاستماع والإرشاد الاجتماعي والقانوني التابع للجمعية، يعانين من مختلف المشاكل سواء في حياتهن الزوجية او بعد الانفصال”.

وتوضح أن “الجمعية أجرت دراسة ميدانية مؤخراً أحصيت من خلالها نسبة عالية من الزواج المبكر حيث بينت الدراسة أن 15 % من النساء اللواتي تتراوح اعمارهنَ بين (15-19) سنة قد تزوجن دون سن الخامسة عشر، في حين تزوجت 23% من النساء التي تتراوح أعمارهنَ من (49-20) سنة قبل سن الثامنة عشر”.

وعن تقديم الدعم النفسي وإعادة التأهيل للنساء الصغيرات تبين خشان أن ” الجمعية تتضمن عدة مراكز بحث وتقديم الإرشادات وإعادة التأهيل للنساء المعنفات بصورة عامة وخصوصا اللواتي يتزوجن في عمر صغير، ونقوم بإرشادهن وتقديم الدعم النفسي والمادي والقانوني لهنَ مجانا ونحثهن على المطالبة بحقوقهن”.

ليلى لم تتوقف عن مطالبتها بحقها بالحياة ورؤية أبنتها، بعد أن انفصلت عن زوجها، حيث أكملت دراستها الاكاديمية، وأقامت دعوى قضائية على طليقها لاستحصال حقها. /انتهى

المصدر: