سجين حدث في تسفيرات القادسية جنوب بغداد

العراق – حيدر انذار / تقرير

ابتدأت قصة تعاطي الحبوب المخدرة والمتاجرة بها لدى ( س . ع) 17 عاما من الديوانية، منذ أن تناولها مع رفقة السوء كما يصفهم منذ الثانية عشر من عمره، فراح يتعاطى الحبوب حبة كل يوم الى أن تطور الأمر به وصار مدمننا مع مرور الزمن، ولم يكتف من تعاطيها بل راح يبيعها وأصبح كما هو معروف بالمصطلح العامي بـ [بندرجي] أي بائع للحبوب المخدرة وصار يزود المدمنين بالحبوب المخدرة، هذا حسب تهمته والتي أخذ عليها حكما ثلاثة أعوام.

( س . ع ) شاب عاطل عن العمل والدراسة كما يقول في حديثه لنا حيث تحدث قائلا:” تركت الدراسة وأنا في الصف الخامس ابتدائي وذلك لظروفي المعيشية التي ساءت بعد وفاة والدي وعجز والدتي عن سد تكاليف  الدراسة”.

يتابع (س.ع): ” لقد بدأت تعاطي الحبوب المخدرة رفقة صديق لي وبعد ان أدمنتها اصبحت محترفا فيها وخبيرا في أنواعها فقررت أن أكون أحد تجار الحبوب المخدرة بعد اقتراح من صديقي ذاته “.

ويضيف: ” لقد أمسك مكتب مكافحة المخدرات بأحد أصدقائي وزبائني واعترف بعد أن حققوا معه بأنني أتعاطى المخدرات وأتاجر فيها. وقد ألقت شرطة مكافحة المخدرات القبض عليَ وحكم علي بالسجن لمدة ثلاثة سنوات قضيت منها خمسة أشهر.”

ذلك ويضيف المتهم : ” أنا نادم جدا على ما فعلته وخاصة على سنوات شبابي الضائعة لذلك انصح الجميع بالابتعاد عن المخدرات والحبوب المخدرة وايضا عن رفاق السوء “.

ويتابع (س . ع) المحكوم بتهمة تعاطي ومتاجرة  الحبوب المخدرة ” لقد تسببت  لأهلي بحرج اجتماعي  وتأذت والدتي وتأثرت جدا خاصة وأني وحيدها “.

وليس ببعيد عنه الشاب والحدث ( أ . ك) 15 عاما، والذي يدفع عربة في السوق  يرقد في سجن تسفيرات الديوانية  منذ شهرين بانتظار محاكمته بتهمة الإعتداء بالعنف فيقول:” ذات يوم ذهبت الى مستشفى الديوانية لزيارة أحد المعارف فصادفتني شفرة عمليات  مرمية على الارض نزلت الى الارض فحملتها بيدي واذا بضابط شرطة يمسكني من الخلف ويقول لي بأنك تريد أن تضرب المريض (س ) فقلت له كلا، فقام باستدعاء الشرطة وستصحبونني الى سجن المستشفى ومنه الى التسفيرات حيث أنا اليوم هنا أنتظر محاكمتي “.

وحسب ما ذكر لنا أنها ليست المرة الاولى التي يدخل فيها السجن فهذه المرة الثانية ولنفس التهمة.

أما ( ف .خ ) 15 عاما، متهم بالسرقة، يروي حادثته فيقول ” أعمل حدادا في السوق وأسكن مع والدتي ووالدي واثنين من اخوتي في البيت، رافقت بعض الأصدقاء السيئين للأسف، وذات يوم تم إلقاء القبض علي بتهمة السرقة بعد أن اتهمني من خلتهم أصدقائي، ها أنا اليوم في السجن بسبب رفقة السوء وأنصح الشباب أن يهتموا بدراستهم وأعمالهم وأن لا يرافقوا صحبة السوء كي لا يكون مصيرهم كمصيري “.

وعن عدد الأحداث في سجن تسفيرات الديوانية وجرائمهم التي ارتكبوها تحدثنا الى قائد شرطة الديوانية، اللواء عبد الجليل الأسدي حيث قال: ” يبلغ عدد الأحداث في سجن تسفيرات الديوانية قرابة الخمسة عشر سجين تتراوح جرائمهم من سرقة الى تعاطي الحبوب المخدرة والمتاجرة بها الى المشاجرة وغيرها من التهم “.

وأضاف الأسدي أن ” نسبة ارتفاع الجريمة دائما تكون مرتفعة في أوقات الفراغ والعطل وهذا يعد انعكاسا طبيعيا لغياب المؤسسات الإجتماعية و النوادي الرياضية  التي ترعى شريحة الشباب والأحداث والتي من المفروض أن يلجؤوا اليها في أوقات الفراغ والعطل، لذلك يتسبب غيابها اليا في الإنخراط في الجريمة “.

واشار الأسدي الى ان ” مديرتنا تولي هذه الشريحة الاهتمام الكبير من خلال متابعتها الدائمة لهم وعرضهم على الباحثين الاجتماعيين والنفسيين لمعرفة الأسباب التي أدت بهم الى ارتكاب الجرائم وعزلهم عن البالغين بقاعات خاصة بهم  داخل السجن “.

من جانبه عزى الباحث الاجتماعي، نبيل كاظم اسباب ارتكاب الجريمة والانخراط بها لدى الاحداث قائلا ان ” الجريمة لدى الأحداث تبدأ وتنطلق بالخطوة الأولى من العائلة فالعائلة هي اللبنة الأساسية لفساد المجتمع أو صلاحه، فترى الطفل أو الحدث حين يترعرع في بيئة عائلية سليمة تراه يتجه نحو التعلم والدراسة والأمور الايجابية والابتعاد عن رفقة السوء وتعلمه كيف يتعامل مع المجتمع بطريقة سليمة ,أما اذا كانت البيئة العائلية له غير صالحة لسبب أو لأخر فتراه ينخرط شيئا فشيئا في الجريمة والتسول وتعاطي المخدرات الخ..”.

ويضيف الباحث ” وهنالك أسباب أخرى تدعوا هؤلاء الأحداث للانخراط في الجريمة وهي الفقر والعمالة من الصغر وترك الدراسة وانعدام دور منظمات المجتمع المدني في رعاية الطفل والشباب وغياب بعض القوانين التي كان من شأنها التحجيم من انخراط الأحداث في الجريمة “.