[الديوانية-أين] تقرير: حيدر انذار

ما ان تنجرف حواء عن جادة الطريق، وتسير في منحدرات الحياة الوعرة فتكون ذلك الوجه القبيح للنصف الاخر من المجتمع، فتصبح مفترسة عند شعورها بغياب المدافع عنها وتفترس بأنيابها براءة الجنس اللطيف وأنوثة شهرزاد التي تغنى بها الشعراء.

في سجن النساء بتسفيرات الديوانية احكام تتراوح ما بين الاعدام والمؤبد والحبس الخفيف والمتوسط لنساء متهمات بتهم مختلفة فمنهنَّ من قتلت زوجها وثانية بتهمة تضليل العدالة، واخرى بالنصب والاحتيال، وكالة كل العراق [أين] قابلتهن لبحث حقيقة ما جرى لهنَّ والتقت بهن في داخل السجن.

محكومة بالإعدام

المرأة الخمسينية [س. م.] المحكومة بالاعدام والمؤبد بتهمة قتل زوجها بمساعدة شخص أخر لها تروي قصتها لـ[أين] فتقول “ذات صباح استيقظنا فوجدنا ثلاثة اشخاص داخل البيت هددونا بالسلاح والقتل في حال قمنا بالصراخ او حتى بأي حركة وبعدها قيدوني انا واولادي وقتلوا زوجي امامنا ولم نستطع ان نفعل شيئاً”.

وتتابع “قمت بالاتصال بالشرطة وجاءت وفكت وثاقنا ولكنها شكت بنا بالوقوف وراء الجريمة وبالفعل حققت معنا عن الحادثة فروينا لهم ما حصل”.

وتشير المحكومة بالإعدام الى ان “الشرطة القت القبض على احد المتهمين وحققت معه، وبعدها قدم اهل زوجي دعوى ضدي واتهموني بقتل ابنهم, وبعد التحقيق معي ثبتت عليَّ التهمة وحوكمت بالمؤبد وبعدها اتى تشديد على مدة الحكم وحكمت عليَّ المحكمة بالاعدام والمتهم الرئيس في قتل زوجي وهو موظف معي في العمل ولكنه خرج بكفالة بعد ان برأته المحكمة”.

وبينت ان “حكم الاعدام جاء بعد ان قام ذوو الضحية [الزوج] بتمييز حكم المؤبد وقبلته المحكمة بعد مراجعة المحاكمة واصدرت حكما اشد وهو الاعدام”.

وتطالب المتهمة بقتل زوجها والمحكومة بالإعدام عبر وكالة كل العراق [أين] بدموع الندم والحسرة بايصال صوتها الى الحكومة العراقية ورئيس الوزراء حيدر العبادي والقضاء بالرأفة بحالها وتخفيف حكمها ليس لاجلها بل لكونها اما لسبعة اولاد [ست بنات وولد واحد] ولا احد لهم بعدها”.

b_271_186_16777215_0___images_idoblog_upload_89_imagesCAV1BKEO.jpg

تضليل العدالة:

وليست ببعيدة عنها المتهمة بتضليل العدالة [أ. ج.] 34 عاما حيث تروي قصتها لنا فتقول “قام احد الاشخاص بالدخول بيني وبين طليقي لحل مشكلة تكفل الاطفال بعد الطلاق وبعد نقض طليقي العهد قدمت شكوى على الوسيط لكونه هو المتعهد بذلك, وبعد حبسه اتى اهله بجلسة صلح والضغط على اهلي عرفيا من خلال بعض وجهاء العشائر في المدينة فقمت بالتنازل عنه اثناء المرافعة واذا بالقاضي يسالني: هل تعرفينه، فاجبت كلا، فاعتبرها تضليلا للعدالة وقام بتوقيفي في السجن”.

وتضيف “كانت والدتي وشقيقي هما الشاهدان في القضية وايضا زجهما القاضي في الحبس المؤقت وبعدها خرجا بدفع غرامة وانا حكمت ستة اشهر بتهمة تضليل العدالة”, وتابعت “بعد خروجي لن ابقى بالعراق كون نظرات المجتمع تجاهي ستقتلني وتعذبني اشد من السجن”.

مسنة متهمة بالنصب والاحتيال:

اما المرأة المسنة [ش ,ك] ستون عاما المحكوم عليها بتهمة النصب والاحتيال فتقول لـ[أين] انني “صاحبة محل واعمل في الآجل والاقساط وطلبت مني بعض النسوة في المنطقة ان أشغل لهن مبالغ مالية بكفالتي لدى شقيق زوجي في الصيرفة عنده”.

وتتابع “بعد فترة علم ازواج وأهل النساء أنهن قد وضعن مبالغ مالية في مكتب الصيرفة بغرض التربح منها, فلم يرق لهم ذلك فطالبنَّ بإرجاع المبالغ, وقمت بدوري بتبليغ من حماي صاحب الصيرفة وقال أعطني فترة لكي استطيع توفر المبالغ وبعد تجاوز المدة المحددة لم يستطع توفير المبالغ, فقمن بتقديم دعوى ضدي في محكمة الديوانية كوني الوسيطة بينهما بتهمة النصب والاحتيال وان المحكمة حكمت عليَّ بالسجن عامين وها انا قد قضيت ستة اشهر منها”.

انخفاض نسبة جرائم النساء:

من جانبه اوضح قائد شرطة الديوانية اللواء, عبد الجليل الاسدي, لوكالة كل العراق [أين] ان “عدد النساء في السجن لا يتجاوز عدد الاصابع كون المدينة ذات طابع عشائري وديني لذلك فجرائم النساء قليلة وهذا مؤشر ايجابي للمحافظة والمجتمع على حد سواء لالتزامه بعاداته وتقاليده الجيدة”.

واضاف الاسدي ان “السجينات يلقين تعاملا حسنا من قبل المنتسبات في الداخلية من النساء وبين فترة واخرى نجلب لهن الباحثين والباحثات المتخصصين بالقضايا الانسانية وارشادهن كيفية التعامل مع قضاياهن وكيفية قضاء فترة الحبس الى حين خروجهنَّ”.

غياب القوانين يدفع المرأة للإنتقام:

وعزت الباحثة الاجتماعية، وداد الحسناوي الاسباب التي تدفع المرأة لارتكاب الجريمة الى غياب القوانين التي تحميها من العنف الاسري.

وقالت الحسناوي في حديث لـ[أين] “هنالك اساب كثيرة تدفع المرأة الى ان ترتكب الجريمة وبالتالي تؤدي بها السجن، منها قضايا العنف الاسري والمجتمعي وغياب التشريعات القانونية وعدم الاهتمام الحقيقي من قبل البرلمان بخصوص تشريع القوانين التي تحمي المرأة، وللأسف كان البرلمان بعيدا جدا عن قضايا حقوق الانسان والمرأة بالذات”.

وتضيف “المرأة عندما تشعر بعدم وجود الحماية لها ستكون مفترسة وتتأجج  بداخلها عوامل نفسية تؤدي الى الانتقام واخذ حقها بيدها وهذا يعتبر جريمة يحاسب عليها القانون وبالتالي تزج بالسجن”.

وتشير الحسناوي “في بعض الحالات وبعد التحقيق تتبين المرأة بانها بريئة وهذا جيد ولكنها تنصدم بواقع اصعب وهو المجتمع وكيفية تقبله لها بعد حبسها وان كانت بريئة فتمر بمرحلة نفسية اصعب من السجن نفسه وهذا بسبب غياب مؤسسات المجتمع المدني وتثقيفها لمثل هكذا حالات”.

المصدر: وكالة كل العراق [اين]