16336

المدى برس/ الديوانية / تحسين الزركاني

فشلت جميع محاولات أم طيبة، زوجة الصحافي المحتجز منذ أربعة أشهر، في سجون كربلاء، من دون توجيه أي تهمة له، بتعويض طيبة ذات الثلاث سنوات، عن فراق ابيها، وبلغ اليأس منها مبلغا، وصارت تكتفي بأن تبادلها دموع السؤال عن المعيل، وتمسح على راسها كما يمسح على رؤوس الايتام.

وتقول أم طيبة (35 سنة)، في حديث الى (المدى برس)، لقد “خرج زوجي كعادته الى عمله الصحافي، بعد أن كلفه مسؤوله بالتوجه الى كربلاء، لتغطية الاحداث التي جرت عقب مداهمة مكتب السيد الصرخي”، وتوضح أنه “أخذ معه حاسوبه وجهاز تسجيله الصوتي، وكاميرته الصغيرة، وأخبرني بانه سيعود في العشاء”.

وتضيف أم طيبة، أن “سليم لم يعد تلك الليلة، فحاولت الاتصال به على هاتفه، لكنه كان مغلقا، فاخذ القلق يتملكني، فاتصلت بزملائه واخوته، فاخبروني بأنهم يحاولون التواصل معه دون جدوى”، وتبيّن “اتصلت بأقاربي في كربلاء وطلبت منهم السؤال عنه، خشية أن يكون مصابا ألم به أو تعرض لحادث سير، وضعت مختلف الاحتمالات أمامي، إلا واحدا لم يخطر ببالي وكان هو سبب غيابه”.

وتوضح زوجة الصحافي، أن “الشك بدأ يساورني في احتمال اصابته في المواجهات، وطلبت من اقاربي في كربلاء البحث عنه في المستشفيات، لكنهم لم يفلحوا بذلك، وبعد أيام وردني خبر يفيد باعتقاله في سجن تسفيرات الفوج الأول بكربلاء، في منطقة باب بغداد، فطلبت من أهلي وأهله اخذي الى المكان لاطمأن عليه، ومعرفة السبب في توقيفه لتوكيل محام له، وعند وصولنا الى المكان منعنا الحراس وطلبوا منا المغادرة او زجنا معه في السجن”.

وتذكر أم طيبة، أن “احد اقاربي محام معروف في كربلاء فوكلته للدفاع عنه، لكنه للأسف جوبه بالمنع نفسه ولم يسمح له بلقائه لمعرفة حقيقة ما حدث واين وكيف ومتى القي القبض عليه وباي تهمة”، وتشير الى أنني “صرت بين نارين المجهول القادم ومبادئ زوجي التي حاول ان يزرعها في زملائه واصدقائه ومن هم حوله، ونار أبنائنا احمد ذو الخمس سنوات وطيبة المدللة، التي تربطها بابيها علاقة من نوع خاص، دون ان اعرف كيف ارد على اسئلتهم اليومية عن اباهم، فبكائي يسبق دموعهم وحزني اعمق من اشجانهم حتى صار البكاء والنحيب سمة لبيتنا”.

وتلفت زوجة الصحافي، إلى أن “ثلاثة أشهر مضت شهدت خلالها مراجعات مستمرة واصرار على ضرورة لقائه والسماع منه، لنعرف كيف نتصرف ازاء الامر، حتى سمحت لنا الاجهزة الامنية في كربلاء بعد اذلالنا بمقابلته لمدة لم تتجاوز الخمسة عشر دقيقة، وفوجئت عندما شاهدت اثار التعذيب على وجهه وجسده، تمالكت نفسي وتجرعت مرارة المنظر وهوله حتى لا انهار امامه”.

وتقول أم طيبة، أن “احد المحامين تمكن من الوصول اليه، والمفاجأة أن سليم موقوف دون توجيه تهمة له سوى تواجده في كربلاء، ولقاءه مع بعض شهود العيان في المنطقة التي شهدت اعمالا عسكرية بين الأجهزة الامنية واتباع رجل الدين الشيعي محمود الصرخي، الامر الذي أثار ريبة وسخرية من عرف بنوع التهمة، والسؤال الذي يطرح نفسه، متى كان الصحفي بحاجة الى تراخيص واوامر وكتب من الحكومة تسمح له بأداء عمله الصحفي؟”.

وتدعو زوجة الصحافي “المعنيين بحقوق الانسان ومرصد الحريات الصحافية وجميع المؤسسات والمنظمات المدنية للدفاع عن زوجي ومطالبة السلطات المحلية والمركزية، بإطلاق سراح زوجي من المعتقل، او توجيه تهمة له ليعاقب عليها ونعرف مصيرنا، بعد ان فقد وظيفته كمدرس وصحافي بسبب مدة سجنه في كربلاء”.

من جانبه يرى الصحافي، باسم الجابري، في حديث إلى (المدى برس)، أن “عدداً من الصحافيين تمكنوا من زيارة زميليهم سليم الخليفاوي، ورضا البديري، بعد ان حصلوا على اذن بزيارتهما، وللأسف ان ما شاهدناه من مهانة ومذلة تعرض لها الصحفيان من قبل الجهات الامنية في كربلاء أمر مخجل ومريع وعار عن الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير ومفاهيمها”.

ويقول الجابري، إن “أوضاع سليم الصحية سيئة للغاية، واخبرنا ان المنتسبين عاملوه معاملة سيئة جدا، خاصة بعد معرفتهم طبيعة عمله، السبب الذي دعاهم الى اتهامه على الفور بالتجسس لنقل الاخبار إلى دول معادية، وطلبوا منه تحت ضغط التعذيب ان يغير افادته وألا يذكر مهنته، وإلا سيساق إلى الجحيم”.

ويتابع الجابري، أن “اعتقال سليم لم يكن الاول، فسبق وان تم اعتقاله في مدينة الناصرية لمدة اربعة ايام، دون اي جرم سوى انه صحافي، وتمت مصادرة اداوته الصحفية”.

ويوضح الصحافي أن “عدداً من الصحفيين قاموا بتنظيم حملة الكترونية عبر المواقع الدولية لإطلاق سراح زملائنا في كربلاء دون توجيه التهم، وقد وقع عدد كبير من الصحافيين طلبا الى حكومة كربلاء، لكن لم نلمس منهم اذان صاغية بل اهمل الموضوع دون ان يمر عليه احد بالذكر، الامر الذي دعانا الى اطلاق حملة على مواقع التواصل الاجتماعي اسميناها ‫(#‏الحرية_لسليم_ورضا)”.

بدورة يعتبر الصحافي حيدر انذار، في حديث الى (المدى برس)، أن “مفردات الديمقراطية وحرية الراي والتعبير والاعلام، ما هي الا اكذوبة في العراق، واضحوكة يستهزأ بها السياسيين على أبناء الشعب العراقي, ولا وجود لها على ارض الواقع، وقد لمسنا بالأدلة القاطعة أن كل ما يخالف المسؤولين فكريا او يحاول احد ان ينتقدهم نقدا لاذعا, يطارد او يعتقل”.

ويضيف انذار، أن “آمال العراقيين بعد عام 2003، وحلمهم بالحرية والتغيير والسجن بتهم الرأي والفكر قد ولت, اصبحت كوابيس اليوم، فالعكس تماما ما حل بنا، وها نحن نرى الحرب بين الصحافي والمسؤول مشتعلة، وللأسف ان بعضهم وبحسب مركزه يتوعد ويهدد بين السجن والتهجير والسبب في ذلك غياب قانون يحمينا ودستور ينصفنا”.

وكانت جمعية الدفاع عن حرية الصحافة، أعلنت في تقرير لها، ان عام 2013 كان الاسوأ على الصحفيين العراقيين، اذ شهد عودة غير مسبوقة للاستهداف الممنهج ضد الصحافيين في مختلف مناطق العراق  وبصورة أشد في محافظة نينوى التي هجرها أغلب الصحافيين بسبب الاستهداف والتهديدات بالتصفية، وكانت حصيلة الضحايا هي الأكبر منذ عام 2007 ، اذ تم قتل واغتيال 21 صحافيا وإعلاميا، بينهم 17 بسبب عملهم الصحافي.

وأوضح التقرير  ان عام 2013 سجلت فيه أكثر من 286 حالة انتهاك للعمل الصحافي تراوحت بين الاعتقال والاحتجاز والضرب والمنع من التغطية أو عرقلتها، كما سجلت أكثر من 700 دعوى قضائية في “محكمة النشر والإعلام ” وحدها،  وجميع هذه الدعاوى كانت  مستندة الى مواد “جرائم النشر والقذف والتشهير ” من قانون العقوبات العراقي لسنة 1969 ، وبعض القوانين الموروثة من الحقبة السابقة .

المصدر : وكالة المدى برس